hotel residence villa ...

...

Hotel Villa Teresa
...
Hall
...
Ristorante
...
Piscina

...

داعية وقاضي مشهور يُنكر نسب ابنته من زواج مسيار

داعية وقاضي مشهور يُنكر نسب ابنته من زواج مسيار

إجازتي من الشيخ آقا بزرگ الطهراني صاحب الذريعة









❤ Link: داعية وقاضي مشهور يُنكر نسب ابنته من زواج مسيار





حيث لا زال هذا الميدان ساحة للصراع، ومعتركاً للنزاع، تسود أجواءه حالة التوتر، وتسيطر على حركته حالة التشنّج. فمن المسلّم به أنّ القس إنسان كسائر الناس يحمل ميولاً ورغبات طبيعية وغريزية. رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم عن عبد خُيّر فكان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم هو المخيَّر، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ من أمّن الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أُخوّة الإسلام ومودّته لا يبقينّ في المسجد بابٌ إلاّ سُدَّ إلاّ باب أبي بكر.


داعية وقاضي مشهور يُنكر نسب ابنته من زواج مسيار

وأورد عليه الكاتب بأنّ «اختلاف الروايات في مهر أُمّ كلثوم ووفاتها مع ابنها زيد في يوم واحد وقتلهما من عدمه، هذا الاختلاف بين المؤرخين لا يعني عدم حدوث الزواج، فلا علاقة تربط بينهما، لقد اختلف العلماء والمؤرخون وكتّاب السير في يوم دفن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وكذا اختلفوا في تواريخ معارك وأحداث ووفيات كثير من المشاهير و العظماء بل ومولدهم أيضاً، فهل هذا يعني عدم وجودهم أصلاً؟ قال ابن الأثير: هاجرت أسماء بنت عميس إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فولدت له بالحبشة عبد اللّه وعوناً ومحمّداً ثمّ هاجرت إلى المدينة. أما والّذي نفسي بيده لأرفعن لهما من أعضادهما. ولكن دعنا نسألكم أي شهادة أو تحصيل علمي تملكونه حول الدين الإسلامي بحيث يسمح لكم من خلاله الحديث عن الإسلام والديانة الإسلامية؟ والّذي يظهر من خطابكم انّكم لا تملكون شيئاً في هذا المجال، فلا تعرفون عن الإسلام الحقيقي وكتب ومؤلفات العلماء المسلمين الحقيقيّين شيئاً.


داعية وقاضي مشهور يُنكر نسب ابنته من زواج مسيار

فهذه رسائل مفتوحة وحوارات متبادلة انطلقنا في تدوينها من المثل المعروف «الحقيقة بنت البحث » أو قولهم: «العلم رحم ». فقد كانت سيرة العلماء الماضين تبادل الرسائل العلمية والحوارات الفكرية بينهم لتتضح الحقيقة وراء البحث والجدل البنّاء، وقد كانت الحقيقة هي الضالة الّتي ينشدونها ويبحثون عنها هنا وهناك، حتّى إذا ما وجدوها جعلوها نصب أعينهم. أمّا بعد; فإنّ الشيخ الفاضل، البارع الكامل، المشار إليه بالأنامل، من بين الأقران والأماثل، مولانا «الميرزا جعفر بن العالم الجليل الورع التقي الشيخ 1. وهو من محقّقي القرن الرابع عشر ومؤرّخيهم، وله تآليف رائعة في البيبلوغرافيا والرجال منها; الذريعة إلى تصانيف الشيعة 26 جزءاً ، وطبقات أعلام الشيعة 15 مجلداً ، وغيرهما. ممّن وفقه اللّه تعالى للأخذ عن العترة الطاهرة، إطاعة لما أمر به أمير المؤمنين عليه السلام لصاحب سرّه كميل بن زياد، فقال: «يا كميل! إنّ اللّه تعالى أدّب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو أدّبني، وأنا أُؤدّب الناس، يا كميل! ما من حركة إلاّ وأنت محتاج فيها إلى معرفة، يا كميل! لا تأخذ إلاّ عنّا، تكن منّا »، وطريق الأخذ عنهم بعد ارتحالهم هو الأخذ من القرى الظاهرة الذين جعلهم اللّه تعالى واسطة بيننا وبينهم، وهم القرى المباركة المذكورة في سورة الإسراء من كتابه الكريم كما نطقت بها الأحاديث المستفيضة المرويّة في تفسير البرهان وغيره، وتلك القرى الظاهرة تتّصل بعضها ببعض، إلى أن يظهر الحجّة عليه السلام فوفّقه اللّه تعالى للدخول في هذه السلسلة. أوّلهم: الشيخ العلاّمة المرتضى الأنصاري التستري المدفون بباب القبلة من الصحن الغروي في 1281هـ ، وهو يروي عن العلاّمة الأوحد المولى أحمد النراقي المدفون في النجف في 1245هـ ، وهو يروي عن أجلّ مشايخه آية اللّه السيّد محمّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي البروجردي النجفي المسكن والمدفن، في مقبرته الخاصّة الشهيرة في 1212هـ ، وهو يروي عن الشيخ الفقيه المحدّث الشيخ يوسف صاحب الحدائق المتوفّى والمدفون بالحائر الشريف الحسيني في 1186هـ ، وهو يروي عن العلاّمة المدرّس المعمّر البالغ إلى ما ئة سنة المجاور للمشهد الرضوي حيّاً وميّتاً توفّي بها بعد سنة 1150هـ أعني المولى محمّد رفيع بن فرج الجيلاني، وهو يروي عن شيخه العلاّمة المجلسي مؤلّف بحار الأنوار مولانا محمّد باقر المتوفّى في 1111هـ ،وهو يروي عن والده العلاّمة المولى محمّد تقي المجلسي المتوفّى في 1070هـ ، وهو يروي عن شيخه وشيخ الإسلام الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي الاصفهاني المدفون بالمشهد الرضوي في 1030هـ ، وهو يروي عن والده الشيخ عزّ الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي المتوفّى في البحرين في 984هـ ، وهو يروي عن الشيخ السعيد زين الدين العاملي الشهيد في 966هـ ، وهو يروي عن الشيخ الفقيه علي بن عبد العالي الميسي المجاز من سميّه: الكركي، وهو يروي عن الشيخ محمّد بن محمّد بن محمّد بن داود المؤذّن الجزيني ـ ابن عمّ الشهيد ـ ، وهويروي عن الشيخ ضياء الدين علي بن الشيخ الشهيد قدس سره ، وهو يروي عن والده الشيخ شمس الدين محمّد بن مكي العاملي الجزيني الشهيد ظلماً في 786هـ ، وهو يروي عن فخر المحقّقين الشيخ أبي طالب محمد بن الحسن الحلّي المتوفّى 771هـ ، وهو يروي عن والده آية اللّه العلاّمة الحلّي الشيخ جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلّي المتوفّى 727هـ ، وهو يروي عن خاله وأُستاذه الشيخ أبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلّي المتوفّى 676هـ ، وهو يروي عن الشيخ تاج الدين الحسن بن علي الدربي، وهو يروي عن الشيخ رشيد الدين محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المتوفّى عن ما يقرب مائة سنة 588هـ ، وهو يروي عن السيّد عماد الدين أبي الصمصام ذي الفقار بن محمّد بن معبد الحسيني، وهو يروي عن السيّد الشريف المرتضى علم الهدى المتوفّى 436هـ وعن شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي المتوفّى 460هـ وعن الشيخ أبي العباس المتوفّى 450هـ ، وكلّهم يروون عن الشيخ السعيد أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد المتوفّى 413هـ ، وهو يروي عن الشيخ أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمّي المتوفّى 368هـ ، وهو يروي عن الشيخ ثقة الإسلام الكليني محمّد بن يعقوب المتوفّى 328هـ أو 329هـ ،وهو يروي كثيراً في كتابه الكافي عن الشيخ الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي المتوفّى بعد سنة 307هـ كما يظهر من إجازته لجمع ممّن يروون عنه غير الكليني في هذا التاريخ، وأكثر روايات علي بن إبراهيم عن والده إبراهيم بن هاشم القمّي، إنّ ميثاق حقوق الإنسان الصادر عن الأُمم المتحدة والممضى من قبل رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة والّذي تضمن الحفاظ على حرية الرأي، أصبح وسيلة يتذرع بها البعض لهتك حرمة المقدّسات الدينية لمليارات المتدينين في العالم. وقد شاهدنا أخيراً بعض الصحف الغربية تنشر رسوماً مهينة لنبي الإنسانية والإسلام النبي الأكرم نبي الرحمة ، جارحة بذلك مشاعر المسلمين بل جميع المتدينين في العالم، والأنكى من ذلك أنّنا نجد بعض السياسيّين الغربيّين ـ والذين ما كان منتظراً منهم أن يؤيدوا هذا التحرك البغيض ـ قد تصدّوا للدفاع عن ذلك العمل الشنيع وتبريره تحت ذريعة حرية التعبير عن الرأي. انّ حرية التعبير عن الرأي حق أُعطي لكلّ فرد، ولكن شريطة أن لا يتجاوز على حقوق الآخرين، وإذا كان قانون حرية التعبير عن الرأي لا يخضع لأي قيد أو شرط، فلا ريب انّه لا تكون ثمرة ذلك القانون إلاّ الفساد والهرج والمرج والانفلات، من هنا يجب أن يكون قانون حرية التعبير عن الرأي مقيّداً بأن لا يمس حقوق الآخرين ولا يعتدي عليها. وإذا أراد شخص ما استغلال القانون للتجاوز على حقوق الآخرين، فلابدّ أن يتعامل معه باعتباره مجرماً قانونياً. انّ الذين يحاولون تبرير انتهاك مقدّسات الآخرين تحت ذريعة حرية التعبير عن الرأي، يحجمون عملياً عن السماح للآخرين في المساس بمقدساتهم حتّى لو كانت على مستوى الأفكار والنظريات العلمانية، فلا يسمح للمواطن البريطاني أو غيره المساس بملكة انجلترا، أو بدستور البلاد، أو بعلم الدولة، ويرون أنّ المرتكب لهذه الأعمال أو بعضها متجاوزاً على القانون، بل نراهم يذهبون إلى أكثر من ذلك فلا يسمحون بدراسة قضية تاريخية مثل «محرقة اليهود » الهلوكوست، وان ّ من يقترب منها قد اقترب أو تجاوز الخط الأحمر، وعليه أن يمثُل أمام القضاء والقانون لتنزل بحقه أشدّ العقوبات، والدليل عليه ما شاهدناه أخيراً وتحديداً في الثالث من شباط 2006م من محاكمة المؤرخ الانجليزي السيد ديفيد ايروينج، والحكم عليه بالسجن ثلاث سنين لا لجرم ارتكبه سوى انّه أثار بعض التساؤلات المشروعة حول تلك المحرقة المزعومة. انّنا نشاهد اليوم أنّ بعض الدول تعترف رسميّاً بأقبح الفواحش الإنسانية والأخلاقية كحرية ممارسة الجنس مع المماثل، أو حرية التعرّي والخلاعة، فهل ياترى يسمح قانون حرية التعبير عن الرأي للآخرين بالتصدّي لهذه الظواهر المستهجنة ولو بالاعتراض الكلامي فقط، أو انّ الّذي يعترض عليها يُعدّ متجاوزاً على حريات الآخرين؟!! فإنّ أصحاب الرسوم الكاريكاتورية المهينة ـ بالرغم من فظاعتها وقبحها، ورفضها منّا، وإدانتها ـ إلاّ أنّ الّذي سعى إلى تحقيقه أصحاب تلك الرسوم، لا أنّه لم يتحقّق فحسب، بل أصبح عملهم سبباً لالتفات المسلمين إلى الخطر الّذي يحيط بهم ممّا أدّى إلى إيجاد نوع من الوحدة والانسجام والاتحاد بين الشعوب الإسلامية من شرق الأرض إلى غربها باختلاف كما نرى في القانون الأساسي الفرنسي لعام 1889م بعض الفقرات القانونية الّتي سنّها المقنن الفرنسي من قبيل: حفظ الأسرار الطبية سر المهنة ، الحفاظ على الحرمات الشخصية للأفراد، منع إثارة التمييز العنصري والمذهبي، منع شتم الأفراد والمساس بشخصية الآخرين، ومنع كلّ أنواع التعبير ضد السامية وضد المرأة، ممّا مثل تحديداً وتقييداً لقانون حرية التعبير عن الرأي. ثمّ إنّ هذا الأمر ـ وضع الخطوط الحمر ـ لا يختص بالقانون الفرنسي بل ترى ذلك في دساتير الكثير من البلدان الغربية كالقانون الأساسي الدانماركي فانّه يعتبر إهانة بعض الناس بسبب معتقداتهم الدينية أمراً ممنوعاً، ولقد صرّح بتلك الحقيقة رؤساء الكنائس الدانماركية خلال لقائهم بشيخ الأزهر السيد محمد طنطاوي ووزير الأوقاف المصري السيد حمدي زقزوق ومفتي الديار المصرية السيد علي جمعة، بتاريخ 9شباط 2006م. إنّ هذه الأعمال ترتكب، بالرغم من أنّها وطبقاً لصريح ميثاق حقوق الإنسان المدني والسياسي ـ المصوب يوم 26 ديسمبر1966م، والّذي وجب تنفيذه طبقاً للقرار 2200 المصوب بتاريخ 23 آذار 1976م، والموقَّع عليه من قبل الدول الأعضاء بما فيها الدول الأُوربية وأمريكا ـ تُعد جرائم قانونية. نعم، إنّ ما قامت به الصحف الدانماركية يُعدّ جرماً ومخالفة قانونية صارخة لبنود القوانين الدولية المذكورة حيث تنص الفقرة الثانية من المادة العشرين للميثاق المذكور على: انّ كلّ أنواع الحث على النفرة القومية أو العرقية أو المذهبية والّتي تؤدي إلى الدفع نحو التمييز والعداء والعنف تعد وفقاً للقانون المذكور أمراً محظوراً. حقاً انّ هذه الحكمة تكشف عن اعوجاج منطق الغربيّين الذين يريدون من الآخرين احترام عقائدهم وعدم المساس بمقدساتهم وعدم تجاوز الخطوط الحمراء عندهم، والحال انّهم لا يعيرون لمقدّسات الآخرين وحرماتهم وزناً، ففي الوقت الّذي يدعون فيه إلى الحوار والتعددية الپلوراليسيم ويعتبرون ذلك من مفاخر ثقافتهم الفكرية والسياسية، نجدهم يناقضون أنفسهم في حصر الحوار والسماح للحرية الفكرية بمن هو على مذهبهم الفكري، أو ممّن يسير على نهجم من الشرقيين المغتربين. ولا شكّ انّ منظمة العالم الإسلامي لها الدور الفاعل والمهم في هذا المجال، إذ باستطاعتها أن تلعب دوراً عظيماً، وكذلك الأمين العام للأُمم المتحدة المحترم هو الآخر يمكن أن يمارس دوراً أساسياً في هذا المجال والإسراع في تقديم هؤلاء الجناة إلى المحاكم الدولية للقضاء على هذه الفتنة الّتي يراد إثارتها، وبهذا يكون الأمين العام قد أدّى الأمانة الّتي أُلقيت على عاتقه أمام المنظمة والدول الأعضاء. إلى جناب البابا بنديكت السادس عشر 1 1. ألقى البابا بنديكت السادس عشر، يوم الثلاثاء المصادف 12سيبتمبر من عام2006م في جامعة ريجسنبورغ الألمانية كلمة تحت عنوان «الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وتأملات » استمع إليه فيه 000،260ألف شخص. مقتطفات من الخطاب كما وردت في موقع «شفاف ». بدأ البابا حديثه عن ذكرياته الدارسية في جامعة «بون » عام 1959م فقال:... وكانت تجري حوارات مفعمة بالحيوية بين المؤرخين والفلاسفة وعلماء اللغة وهذا أمرٌ طبيعي بين كليتي اللاهوت اللتين تضمّهما هذه الجامعة... ثمّ قال: وإنّنا كنّا جميعاً نعمل في جميع الميادين على أُسس عقلائية واحدة تتسم بأوجه مختلفة، وأنّنا كنّا نتقاسم المسؤولية عن الاستخدام السليم للعقل، إنّ هذه الحقيقة أصبحت تجربة معاشة... وانّه حتّى بازاء الشك الجذري في وجود اللّه فقد ظل ضرورياً ومعقولاً أن نطرح موضوع اللّه عبر استخدام العقل، وان نفعل ذلك في إطار الإيمان المسيحي. بعد هذه المقدمة عرّج للحديث عمّـا قرأه في الكتاب الّذي نشره البروفسور تيودور خوري، لقسم من جدال دار بين الامبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني وفارسي مثقف حول موضوع المسيحية والإسلام وحقيقة كلّ من هذين الإيمانين. فأشار إلى النقاش ـ السجال ـ السابع. حيث يتطرّق الامبراطور إلى مقولة «الجهاد ». فقال: ولابدّ انّ الامبراطور كان مطلعاً على السورة رقم 2 الآية 256 الّتي جاء فيها لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ وهذه السورة وردت في الفترة الأُولى «يقصد المكية » حينما لم يكن محمد يملك أيّة سلطة بل كان عرضة للتهديد، ثمّ يضيف البابا: ولكن الامبراطور كان بالطبع مطلعاً على التعليمات الّتي طوّرت لاحقاً وتم تدوينها في القرآن الّتي تتعلق بالجهاد، ثمّ ينقل نص السؤال الّذي وجهه الامبراطور للمثقف الفارسي: «قل لي ما هو الجديد الّذي أتى به محمد، إنّك لن تجد سوى أشياء شريرة ولا إنسانية، مثل الأمر بنشر الإيمان الّذي بشر به بحد السيف؟ بعد ذلك وبفاصلة قصيرة تطرّق إلى مسألة إسرائيل قائلاً: وفي العهد القديم، وصل المسار الّذي بدأ في العلّيقة المحترقة إلى مرحلة نضج جديد في فصل «الهجرة حينما تمّ الإعلان عن أنّ إله إسرائيل ـ إسرائيل الّتي باتت محرومة من أرضها ومن عبادتها ـ هو إله السماوات والأرض ووصف في صيغة بسيطة تحاكي كلمات العلّيقة المحترقة «أنا هو ». وبعد أن يستعرض الأبعاد التاريخية والتحولات الفكرية في الفكر المسيحي يقول: وإذا ما كشفنا من جديد الآفاق الشاسعة للعقل نصبح قادرين على القيام بحوار الحضارات وحوار الأديان الّذي أصبح ضرورة من ضرورات العصر. لقطات إجمالية من حياة البابا بنديكت السادس عشر من الجدير بالاهتمام انّه وقبل الدخول في مناقشة الأفكار الّتي طرحها البابا في محاضرته أن نلقي الضوء على بعض اللقطات من حياته: 1. الرجل مواطن ألماني وقبل أن يدخل السلك الروحاني كان عضواً في منظمة الشباب النازي، بعدها التحق بكلية اللاهوت فرع الكلام المسيحي ونال شهادته الجامعية في هذا الفرع. الملاحظة من نمط حياته أنّ الرجل سيّء الظن بالإسلام والمسلمين، وحينما انتخب لهذا المنصب صدرت دعوات تحذيرية بسبب عدم انسجامه مع مسلمي العالم ممّا قد يؤدي إلى ظهور بعض المشكلات في هذا المجال، إلاّ أنّ أمريكا وإسرائيل سرعان ما بادرتا إلى مباركة هذا الانتخاب وتأييده. بعد أن انتخب إلى هذا المقام وفي أوّل خطاب له ـ و على خلاف البابا السابق له ـ لم يتحدّث عن الصلح والسلام والمحبة والمحرومين والجياع. بل أكد في خطابه على منهجه في الوقوف أمام البدع والتصدي لها، من هنا شرع بإدخال بعض المقررات الصارمة في الكنيسة وأصدر بصورة رسمية قانوناً يمنع على المطلقين الدخول إلى الكنيسة، كما أنّه لم يبد ارتياحه لمسألة الموسيقى الّتي كانت تتخذ كاسلوب لجلب الشباب إلى الكنيسة. في إحدى سفراته الّتي قام بها إلى بولندا حضر إلى معسكر «آشوتيس » وهناك حاول كسب عطف الصهاينة، فقال: «إلهي!! كيف سمحت لك عدالتك أن ترى تلك الجرائم؟! من المعروف أنّ الرجل مختص بالكلام المسيحي ولا يملك شهادة دراسية في الأديان الأُخرى، نعم قد تكون لديه مطالعات جانبية في هذا المجال. انّ الحوار الهادف والبنّاء يقوم على أُسس الاحترام المتبادل، فكان بإمكان سموكم أن تطرحوا نظرياتكم بأُسلوب جذاب وعبارات بعيدة عن التعصب وإهانة الآخرين، وعندها لا يحق لأحد الاعتراض عليكم طبقاً لقانون حرية الكلمة، نعم بإمكان كلّ إنسان أن يرد عليكم بنفس الأُسلوب من باب النقاش الموضوعي، إلاّ أنّه ولشديد الأسف نرى أنّ خطابكم كان خطاباً مهيناً بكلّ أبعاد الكلمة. انّ مسألة «عقلانية الدين » مسألة تخصصية صرفة، من هنا ينبغي أن تطرح في فضاء علمي ينسجم مع عمق الفكرة، فليس من الصحيح والمناسب أن تطرح هذه القضية في فضاء مفتوح يحضره حوالي 000،260ألف إنسان، الكثير منهم حضر بسبب علاقته وحبه لشخصكم ولا يفهم من الأُمور الفلسفية والكلامية شيئاً، من هنا نرى أنّ طرح مثل هذه المسائل في مثل هكذا فضاء بعيد كلّ البعد عن الذوق البلاغي وأدب الخطاب. ولكن دعنا نسألكم أي شهادة أو تحصيل علمي تملكونه حول الدين الإسلامي بحيث يسمح لكم من خلاله الحديث عن الإسلام والديانة الإسلامية؟ والّذي يظهر من خطابكم انّكم لا تملكون شيئاً في هذا المجال، فلا تعرفون عن الإسلام الحقيقي وكتب ومؤلفات العلماء المسلمين الحقيقيّين شيئاً. من هنا نراكم استندتم في إثبات مدعياتكم إلى كلام امبراطور مسيحي باسم «عمانوئيل الثاني » الأمر الّذي يبعث على العجب والحيرة من كلامكم. لأنّ الواقع التاريخي يثبت أنّ السلاطين وأصحاب الحكومات يستندون في إثبات حقّانيتهم وتوجيه حكوماتهم وشرعية عملهم إلى كلام العلماء والروحانيين وأصحاب الاختصاص في الشأن الديني، أمّا أن ينعكس الأمر فهذا أمرٌ عجيب حقاً، هذا ما وقعتم فيه!! حيث نرى مقاماً دينياً وعلمياً يستند لإثبات نظريته إلى كلام إنسان حكم في القرون الوسطى، متهماً أُمّة كبيرة بالجهل وعدم العقلانية!! وبعبارة أُخرى: انّكم قد خالفتم نص الإنجيل الّذي يقول: «دع ما لقيصر لقيصر وما لعيسى لعيسى »، فما كان يجدر بكم الاستناد إلى كلام حاكم يعيش في القرون الوسطى وقد تحدث عن أمر هو بالكامل خارج عن مجال تخصصه. وهنا أرى من الضروري أن أُذكركم بأنّ استنباطكم المذكور ونسبة العلم بواقع الآية إلى الامبراطور بعيدعن الواقع، بل انّه خلاف الواقع، وذلك لأنّ الآية المذكورة لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين هي إحدى آيات سورة البقرة وانّها من السور المدنية، أي أنّها نزلت على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حينما كان صلى الله عليه وآله وسلم صاحب دولة وقوة استطاع أن يخضع محيط المدينة وشطراً من الجزيرة العربية لسلطة وحاكمية الدولة الإسلامية وتحت راية التوحيد، وقد ذكر المفسرون سبب نزول هذه الآية، قال في «مجمع البيان »: نزلت في رجل من الأنصار يدعى أبا الحصين، وكان له ابنان، فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت، فلمّا أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين، فدعوهما إلى النصرانية فتنصّـرا ومضيا إلى الشام، فأخبر أبو الحصين رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ، فأنزل اللّه تعالى: لاَ إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ. ولا حاجة لنا للحديث عن التاريخ الماضي فقد يناقش تحت أية ذريعة، ولكن الحرب الّتي وقعت قبل ثلاثة أشهر والّتي قام بها الصهاينة تدعمهم الماكنة الحربيّة والسياسية والإعلامية الأمريكية والغربية، ضد شعب أعزل ودولة فقيرة، فراح ضحيتها الكثير من الشباب والأطفال والنساء والرجال وأُريقت دماؤهم ظلماً، في الوقت الّذي لم نرَ من جنابكم أية مبادرة لإدانة هذه الحرب أو السعي لإيقافها، وإذا ما صدرت بعض الكلمات فهي كلمات خجولة لا تعالج موقفاً ولا تحل مشكلة!! انّ الجهاد الإسلامي شأنه شأن الجهاد لدى سائر الأنبياء والمرسلين لم يكن الهدف منه إراقة الدماء وسلب الأموال وانتهاك الأعراض، بل كان في حقيقته أُسلوباً علاجياً للوقوف أمام المتغطرسين والمهيمنين على مقدّرات الناس من الحكام الظلمة الذين يسعون ومن أجل الحفاظ على مصالحهم الشخصية للحيلولة بين عامة الناس وبين المعرفة الدينية ويتصدون للمبلغين المؤمنين ولا يسمحون لهم بنشر الدين الإلهي، فيوقعون في هؤلاء المبلغين القتل والتنكيل والتعذيب، الأمر الّذي يجعل جهاد هؤلاء الظلمة أمراً ضرورياً لرفع تلك الموانع والعقبات الّتي تعترض طريق الناس، وتحول بينهم وبين الدين وعرض رسالة الدين بصورة واقعية، بعد ذلك يأتي النداء الإلهي: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر. فكان من الحري بكم أن تلتفتوا في خطابكم المذكور إلى هذا المعنى الدقيق للجهاد، والّذي يعني رفع الموانع وإزالة العقبات عن طريق الناس والدفاع عن حريم الحرية الشخصية والاجتماعية، لا انّه أُسلوب قهري لفرض العقيدة وتحميل الدين على الناس، ثمّ إنّكم بكلامكم المذكور ونفيكم للجهاد قد أشرتم بأصابع الاتّهام لجميع الكتب السماوية والإلهية. إنّ عدد سور القرآن الكريم 114 سورة تجد 113سورة منها تبدأ بكلمة «بسم اللّه الرحمن الرحيم »، وهذا يعني أنّ كلّ فرد يقرأ القرآن الكريم يبدأ بمعرفة الرب بصفتي «الرحمن الرحيم » وأن يجعل من حياته مظهراً لتجلّي الصفات الإلهية، فكيف ياترى يصحّ اتّهام الرسول الّذي جاء بمثل هذه التعاليم السامية بالإرهاب والعنف والخشونة؟! لابدّ من التفريق بين الفيلسوف والنبي، فالفيلسوف يبلور نظريته ثمّ يضعها تحت متناول الناس من خلال الكتب أو أي طريق آخر، ولا يهمه نشرها والسعي في إشاعتها، في الوقت الّذي نرى الأنبياء حملة للرسالة الإلهية وأنّهم مأمورون بإيصال هذا النداء إلى مسامع البشرية جمعاء، فهل يصحّ لهؤلاء الرسل الجلوس في زوايا بيوتهم وعدم الاهتمام بنشر الرسالة حتّى إذا لم تصل إلى مسامع البشرية؟! انّ الأديان الثلاثة: المسيحية واليهودية والإسلام هي ديانات إبراهيمية، تتّخذ من إبراهيم عليه السلام أُسوة وقدوة لها، وهنا نتساءل: هل كان إبراهيم عليه السلام يكتفي بالكلمة فقط لطرح رسالته والأفكار الّتي جاء فيها؟! أم أنّه كان يستعمل القوة إذا اقتضى الأمر، وهذا ما يتجلّى في موقفه من الأصنام حينما دخل بيوت الأصنام وحطمها بمعوله ليثبت للجميع خواءها وذلتها، ولينقذ الناس من الذل والهوان الّذي كانوا عليه من خلال عبادتهم لها. تخوم إسرائيل فأنجو من يدهِ، فقام داود وعبر هو والستُّ مئة الرجل الذين معه إلى أخيش بن معوك ملك جتِّ 1 ـ إلى أن قال ـ : وكان عدد الأيّام الّتي سكن فيها داود في بلاد الفلسطينيين سنة وأربعة أشهر، وصعد داود ورجاله وغزوا الجشوريين والجرزيين والعمالقة لأنّ هؤلاء من قديم سكان الأرض من عند شور إلى أرض مصر، وضرب داود الأرض ولم يستبق رجلاً ولا امرأة وأخذ غنماً وبقراً وحميراً وجمالاً وثياباً ورجع وجاء إلى أخيش ». أم الامبراطوريات المسيحية هي الّتي أشعلت فتيل الحربين العالميتين الأُولى والثانية والّتي راح ضحيتها الملايين من البشرية. فالحرب العالمية الأُولى راح ضحيتها 10 ملايين بين قتيل وجريح ومفقود، والحرب العالمية الثانية قارب العدد فيها المائة مليون! انجيل متى:474، صموئيل الأوّل 26 و 27 الاصحاح السابع والعشرون الآيات :1ـ3. إنجيل متى: 475، صموئيل الأوّل 26 و 27 الاصحاح السابع والعشرون الآيات:8ـ10. إنّ كلمات الآباء الروحانيين قد ركّزت ولسنوات طويلة في كتبهم الكلامية على أنّ مسألة التثليث من المسائل الأساسية في الفكر المسيحي، وأنّها من المسائل التعبّدية الّتي لا تدخل في نطاق التحليل العقلي، لأنّ التصوّرات البشرية لا تستطيع أن تصل إلى فهمه، كما لا تخضع للمقاييس المادية، لأنّها حقيقة فوق المقاييس المادية، فهي منطقة محرمة على العقل، ومع تركيزهم على التثليث في جميع أطوار حياتهم وعصورهم يعتبرون أنفسهم موحّدين ومن أتباع الديانة الإبراهيمية الّتي ما جاءت إلاّ لتحطيم هل يمكن توجيه مسألة فداء المسيح عليه السلام من الناحية العقلية؟ اطرح هنا مسألة الفداء الّتي يؤمن بها المسيحيون واطلب من جنابكم توجيهها لي من خلال المنطق. انّ الفكر الكنسي يعتقد أنّ جميع الناس يولدون مذنبين وغير مطهرين، لا لأنّهم اكتسبوا الذنب ووقعوا في الخطيئة بأنفسهم، بل أنّهم يحملون الخطيئة إرثاً من أبيهم آدم!! وبغض النظر عن صحّة هذه النظرية أساساً، ومع التسليم بها، فإنّ الطريق الصحيح للتطهّر من الذنب والخطايا ـ والّذي ينسجم مع العقل ـ هو أن يقوم الإنسان ومن خلال العبادة والتوبة والإنابة إلى اللّه بتطهير نفسه وإزالة الأدران والآثام الّتي لحقت به، ولكن نجد في الفكر الكنسي أنّهم يعالجون القضية من خلال طريق آخر، حيث يقولون: إنّ المسيح عليه السلام قد اعتلى قبل 2000 عام خشبة الصلب واختار القتل صلباً ليفدي أُمّته، أي يكون جزاء إيثاره هذا أن يقوم الرب تعالى بالعفو عن ذنوب بني آدم وتطهيرهم. وهنا نتساءل هل من الممكن أن يصلب شخص ليعفى عن الآخرين؟! انّ الإنسان الضعيف من الممكن أن يقوم بتقوية بدنه من خلال ممارسة الرياضة بنفسه، فهل يصحّ ـ ياترى ـ أن يمارس الرياضة شخص ليقتدر غيره ويقوى بدنه؟! وهل يصحّ أن يتناول الطعام اللذيذ والمقوي شخص ويلتذ ويشبع غيره؟!! من هنا نرى اليوم المفكّر المسيحي والآباء الروحانيين ولبعد تلك الأفكار عن المنطق والعقل، يلوذون للخلاص من الإشكالات المتوجّهة إلى النظرية، بستار التعبّد حيث يخرجون القضية عن حيطة العقل ويضعونها تحت خيمة الإيمان لا العقل ويقولون: إنّ مجال ومحيط الإيمان غير محيط العقل. أضواء على المسيحية لمتولي يوسف شلبي:129. ولا شكّ أنّكم تعلمون بما لا مجال للشك فيه بهذا التناقض الواضح بين منطق الكنيسة ومنطق العلم، ولو أردنا أن نبيّن لكم حقيقة الأمر ونطيل البحث معكم هنا لكنا مصداقاً للمثل العربي: «كناقل التمر إلى هجر » لعلمكم بكلّ خفايا وأبعاد القضية وكلّ ما حدث في تلك البرهة الزمنية من انتهاكات علمية ومواجهة مع منطق الفكر والبحث والتنقيب. هل الرهبنة ومنع القساوسة من الزواج وتشكيل الأُسرة يُعد ظاهرة عقلانية؟! فمن المسلّم به أنّ القس إنسان كسائر الناس يحمل ميولاً ورغبات طبيعية وغريزية. وأنّ من الضروري تلبية تلك الرغبات وإشباع تلك الغرائز من خلال الطرق المشروعة، فإنّ الوقوف أمام هذا الأمر الفطري لا ينتج إلاّ الفساد في أوساط القساوسة. وهذه حقيقة ظاهرة للجميع ولا يمكن إخفاؤها. وهل من العقلانية الحديث عن الحوار وفي الوقت نفسه تتحدّثون مع أتباع الديانات الأُخرى بطريقة استعلائية وبلحن الآمر الناهي ومن جانب واحد، والحال انّ الدعوة إلى الحوار والجدال والنقاش العلمي هي الدعوة الّتي رسمها القرآن الكريم وحددت معالمها الآية المباركة الشريفة: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَة سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنّا مُسْلِمُونَ. ولو تأملت في الآية المباركة الّتي جاء بها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، لوجدتها تتوفر على الخصائص التالية: ثالثاً: إن استجاب أهل الكتاب لهذه الدعوة المباركة حينها يمدّ لهم المسلمون يد المسالمة والوئام والعيش معاً بسلام وأمان، وإن لووا أعناقهم ولم يذعنوا لهذا الخطاب الإلهي والنداء الرحماني فهنا أيضاً لا يشن عليهم المسلمون الحرب ولا يشهرون بوجوههم السيف، بل يكون الخطاب الإسلامي معهم فَإِنْ تَوَلَّوا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ يعني انّنا لا نحيد عن إسلامنا وعبادة ربّنا ولا نخضع لدعوة غيرها في الشرك كما لا نجبر أحداً على الإذعان لديننا. انّ موقفكم من الإسلام والقاعدة الّتي اعتمدتموها في إدانة الإسلام والحكم عليه قاعدة بعيدة كلّ البعد عن الإنصاف والعقلانية، فكان من الأجدر بكم لإثبات عقلانية الإسلام أو عدمها الرجوع إلى المتون الإسلامية لا الاستناد إلى مصنّفات المخالفين للإسلام الّتي صنّفت بطريقة مغرضة هدفها الإساءة للإسلام وتعاليمه السامية، وحتّى لو استندوا إلى المصادر الإسلامية فإنّما يستندون إلى النظريات الخاطئة والآراء الباطلة الّتي لا تمثل رأي الإسلام الحنيف، وإنّما هي آراء لشخصيات إسلامية لم يوفقوا لاكتشاف النظرية الإسلامية بصورة صحيحة، فهي في الحقيقة آراء مسلمين لا رأي الإسلام كدين وكفكر. انّ المتتبع لنتاجات المتكلمين المسلمين والذين يعتمدون النمهج العقلي والمنطقي، يجد ما لا حصر له من المصنّفات. وقد دوّن علماء الشيعة وحدهم في هذا المجال أكثر من 12000مصنف، ولو أضفنا إليهم نتاجات علماء سائر المذاهب الإسلامية الأُخرى لازداد العدد زيادة كبيرة ، فكيف وبعد ملاحظة كلّ هذا التراث الحي ـ والّذي تحتفظ المكتبات والمتاحف الأُوروبية بقسم كبير من مخطوطاته والمطبوع منه ـ يمكن وسم الإسلام بأنّه ديانة بعيدة عن المنهج العقلي والمنطقي؟! يوجد في الوسط الإسلامي والمسيحي رجال يتحرّقون لإعادة السلم والصفاء إلى البشرية مرة أُخرى، وقد بذلوا في هذا الطريق الكثير من الجهود وتحمّلـوا الآلام والمعـاناة، وقامـوا بحـوارات ولقـاءات بنّاءة في هـذا المجال على أمل أن يأتـي اليـوم الذي يـرون فيه أتباع الديانات السماوية تحت خيمة واحدة ينعمون بالصلح والمودّة والسلام، ولكن ولشديد الأسف كان خطابكم وفي هذا المركز العلمي ومقابل مئات الآلاف من عامة المستمعين كان بمثابة المعول الّذي حطم جهود هؤلاء العلماء المخلصين وجعل كلّ جهودهم في مهب الريح. إنّك بخطابك هذا لا يمكنك أن تشترك في حوار الأديان، وذلك لأنّ حوار الأديان إنّما يهدف إلى تقريب آراء نظريات أتباع الديانات الإبراهيمية، وأنتم بصدد إبعاد الآراء ووجهات النظر وهو خطوة في طريق الفرقة والتنافر، فكانت نتيجتها أن وضعت العالم على أعتاب حرب صليبية، وقد أثبتّم بسلوككم هذا أنّكم طرف غير جدير للحوار والتقارب. قد استطاعت أن ترفع الكثير من الإبهامات والإشكاليات في هذا المجال، ولو كنتم ومن يسير في ركابكم على علم بهذه البحوث وقيمتها العلمية لا شكّ أنّكم ستدركون أنّ هذه البحوث ترفع الكثير من الإبهامات في الفكر الكنسي في باب صفات اللّه، ولكن ولشديد الأسف أنّ تخصّصكم في الكلام المسيحي وعدم معرفتكم وتخصّصكم بالكلام الإسلامي جعلكم لا تعرفون حقيقة الدين الإسلامي ومفاهيمه. أمّا بعد، فإنّ الوهابيّة مُنذُ أن سيطرت على الحرمين الشريفين لم تأْلُ جهداً في إزالة آثار النبوّة والرسالة، ومحو كلّ ما هو من علائم الأصالة الإسلامية، من خلال هدم بيوت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحُجرات وبيوت زوجاته أُمّهات المؤمنين وقبور صحابته وأهل بيته المطهَّرين وبيوتهم ومحالّهم في مكة المكرّمة والمدينة المنورة وما حولهما!! مع أنّ هذه الآثار التاريخية هي في الحقيقة معالم الأصالة الإسلامية، و هي إلى جانب ما تركه رسول الإسلام العظيم من تراث فكريّوثقافيّ تدلّ على واقعيّة الرسالة المحمديّة المباركة، وتجذّرها في التاريخ. ولا شكّ أنّ لهدم الآثار والمعالم التاريخية الإسلامية وخاصّة في مهد الإسلام: مكة، ومهجر النبيّ الأكرم: المدينة المنورة، نتائج وآثاراً سيّئة على الأجيال اللاحقة التي سوف لا تجد أثراً بعد عين، وربما تنتهي ـ في المآل ـ إلى الاعتقاد بأنّ الإسلام قضية مفتعلة ، وفكرة مبتدعة ليس لها أيُّ واقعيّة تاريخيّة، تماماً كما أصبحت قضية السيد المسيح في نظر الغرب الذي بات جُلّ أهله يعتقدون بأنّ المسيح ليس إلاّ قضية أُسطورية حاكتها أيدي القساوسة، لعدم وجود أية آثار مادية ملموسة تدلّ على أصالة هذه القضية، ووجودها التاريخي. نسأل اللّه سبحانه وتعالى أن يأخذ بيدكم لما يحب ويرضى ويوفّقكم لصالح الأعمال، كما نثمِّن مواقفكم الإيجابية في مسألة التقريب والوحدة بين المذاهب الإسلامية. قام الشيخ يوسف القرضاوي «حفظه اللّه » في بعض خطب صلاة الجمعة بالدفاع عن معاوية ابن أبي سفيان. وقد كتبنا له هذه الرسالة ألفتنا نظره فيها إلى عدم ضرورة طرح مثل هذه المواضيع والمسلمون في هذا الوقت يعانون ما يعانون من ظلم وإبادة، كما ألفتنا نظره إلى أنّ مواقف معاوية في حياته والّتي يذكرها التاريخ لا تؤهّله لأن يدافع عنه أحد. ما هي جدوى الانتصار لمعاوية في هذه الأيام الّتي تتعرض فيها الأُمّة الإسلامية إلى تحديات كبيرة وهجمات شرسة؟! ونتطلّع فيها إلى تقديم فهم صحيح للإسلام، وتصوّر واضح لمفاهيمه وأفكاره، وموقف سليم وجريء إزاء قضاياه ورجاله وشخصياته، يُتحرّى في كلّ ذلك الحق، ويُلتزم فيه بالموقف الشرعي والأخلاقي، بعيداً عن التأثيرات العاطفية، والقناعات الّتي ربما نشأت على أساس من المفاهيم المغلوطة والمعلومات المزيّفة. ونحن نسأل الداعية الكبير وصاحب الروح الشفافة الأُستاذ القرضاوي: هل من الحقّ إسدال الستار على مقترف هذه الجريمة النكراء المتمثّلة بتسليط يزيد الفجور والخمور على رقاب المسلمين؟! وارتكابه تلك المجازر الوحشية بقتل ابن بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وأصحابه، وسفك دماء المسلمين في وقعة الحرّة وانتهاك حرماتهم وأعراضهم؟! وروى مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال:أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسبَّ أبا التُّراب؟ فقال: أمّا ما ذكرتُ ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ، فلن أسبَّه. لأن تكون لي واحدةٌ منهنّ أحبُّ إليَّ من حُمْرِ النَّعم. سمعتُ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول له، وقد خلَّفهُ في بعض مغازيه، فقال له عليّ: يا رسول اللّه، خلّفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم : «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي ». وقال ابن أبي نجيح، قال: لما حجّ معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلمّا فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة فأجلسه معه على سريره، ووقع معاوية في عليّ، وشرع في سبّه، فزحف سعد ثمّ قال: أجلستني معك على سريرك ثمّ شرعت في سبّ عليّ، واللّه لأن يكون لي خصلة واحدة من خصال كانت لعلي أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. لقد بدّل معاوية الخلافة الراشدة إلى ملك عضوض، وأخذ البيعة لابنه يزيد على كره من أهل الحلّ والعقد وتحت بوارق الإرهاب وأطماع أهل الشره والشهوات، وقد حجّ في سنة خمسين واعتمر في رجب سنة 56، وكانت الغاية من السفرين أخذ البيعة من المهاجرين والأنصار لولده يزيد، وقد دار بينه و بين أهل الشرف والكرامة من الجيلين كلمات يقف عليها مَن قرأ التاريخ. لا ريب أنّ الاختلاف بين المسلمين يمتد بجذوره إلى مابعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وهذه الاختلافات قائمة حتى الساعة ولا يمكن معالجتها في يوم أو يومين أو سنة أو سنتين، وإنّما الذي نتوقعه من الرجال الكبار والشخصيات الحكيمة هو التركيز والإصرار على المشتركات وعدم النظر إلى المسائل الخلافية. وطرحها في الملتقيات العلمية بعيداً عن صخب السياسة، ليتسنّى لنا حصرها في دائرة ضيقة ومحدودة. ولقد عملت وسائلهم الإعلامية بكل أنواعها وبكل قوة لترسيخ ذلك في أذهان العالم الغربي، بل في أصقاع المعمورة، وكأنّ الإسلام غول يهدد البشرية والسلام العالمي!! في مثل هذه الظروف الحسّاسة لا نرى مبرراً لما قمتم به سماحة الشيخ من لقاء مع صحيفة «المصري اليوم » وما تحدثتم به بخصوص التشيع والتبشير الشيعي ـ حسب تعبيركم ـ في البلدان ذات الغالبية السنية، وتحذيركم من ذلك وإطلاقكم لصفارة الإنذار!! وما هي الحصيلة التي يخرج بها القارئ حتى لو كانت خلافاً لما تقصدونه ؟ أليس الحصيلة التي يخرج بها هي تأييد موقف المستكبرين والصهاينة وإعطاء الشرعية والمصداقية لما ينشرونه وتبلّغه وسائل إعلامهم المسمومة؟!! لقد أكّدتم ـ سماحة الشيخ ـ من جهة على كون الشيعة مبتدعة، ومن جهة ثانية أكّدتم أنّ الفرقة الناجية هم أهل السنة، مستنداً في ذلك إلى الحديث المعروف: «ستفترق أُمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة »، وهنا نسأل سماحتكم ما هي الحصيلة التي يخرج بها شاب متعصب من شباب أهل السنّة؟ أليست هي القيام بربط حزام ناسف من المتفجرات ليقوم بقتل العشرات من الشباب والأطفال والنساء من المؤمنين في مدن العراق وغيرها من البلدان الإسلامية، وهذا ما يقوم به العشرات من الشباب الأردني سماحة الشيخ، إنّ لكلّ مقام مقالاً كما يقول الحكماء، فهل ياترى كان من المناسب في تلك الظروف العصيبة التي تمر بها أُمّتنا الإسلامية والتي تتكالب فيها قوى الاستكبار العالمي على العالم الإسلامي بأسره، أن يصدر من عالم ومفكّر إسلامي ما يثير النائرة ويشعل نار الحقد والصراع في أوساط المسلمين ممّا قد يؤدي إلى الصراع الداخلي لا سامح الله؟!!! اعتبرتم انتقال مجموعة من الشباب السني ـ في بعض البلدان التي يقطنها أهل السنة ـ إلى التشيع تبشيراً شيعياً وخطراً يستحق الوقوف أمامه ودق صفارة الإنذار، وانّ عدم التصدّي له يمثّل مخالفة للدين وخيانة للأمانة التي في عنقكم، ولكن في نفس الوقت غضضتم الطرف عمّا يجري في السعودية والإمارات وغيرها من البلدان السنية من الحملة الشعواء التي تشن على المفكّرين الشيعة والفكر الإمامي، فما من ساعة تمر إلاّ وتجد إصداراً ـ كتاب أو رسالة ـ ينال منهم، والذي يؤسف له أنّ ما يصدر ما هو إلاّ تكرار للمكرّرات وتهم واهية لا تقوم على دليل ولا تستند إلى برهان; أليس من اللائق بجنابكم الكريم التصدي لمثل هذه الحملة المسعورة التي تنال من طائفة كبيرة من المسلمين!! بل نجد البعض قد تمادى في غيّه وكذبه بحيث صنّف كتباً في ذم الشيعة ونسبها إلى شخصيات شيعية من أمثال المرحوم العلامة السيد العسكري وبعضها نسبوها لي شخصياً موحين للناس أنّنا من المبلّغين للمذهب الوهابي والمهاجمين للتشيع!! وأخيراً نشر كتاب في موطنكم مصر العزيزة في نقد رأيي الفقهي حول مسألة «الصلاة خير من النوم » امتلأ الكتاب بالسب والشتم والكلام القاذع والافتراء و... وهو من تأليف علاء الدين البصير، ثم طبع هذا الكتاب مرة ثانية ضمن سلسلة «محققو الشيعة في الميزان » وأعطاه ناشروه اسم «جعفر سبحاني... لا محقق مقرب » ومن العجب أن يقدّم لهذا الكتاب أُستاذ من اساتذة جامعة الأزهر وهو الدكتور محمد عبد المنعم البري وهو عميد مركز الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، ورئيس جبهة علماء الأزهر وقد طبع في مصر ونشر عام2007م، في مركز التنوير بالقاهرة ; لا أدري هل البحث الفقهي يستحق كل هذا التحامل والتشنيع والتسقيط؟!! إنّ مضمون الحديث يحكي عن عدم صحّته، وأنا هنا لا أتحدّث عن فرق اليهود والنصارى، بل أتساءل أين هي فرق المسلمين الأساسية التي وصلت إلى هذا الحد، وأمّا الفرق الفرعية المذكورة في كتب الملل والنحل فقد تجاوزت الحد قطعاً؟ فهل يمكن أن نجد ذلك العدد من الفرق الإساسية في كتب الملل والنحل؟! وهل يمكن اعتبار الاختلاف في مسألة واحدة مبرراً لتصنيفها فرقة مستقلة؟ إنّ فرق المسلمين الأساسية لا تتجاوز عدد أصابع اليد، من هنا نرى أصحاب كتب الملل والنحل يتشبّثون بأُمور واهية لإثبات العدد المذكور ليكون دليلاً على مصداقية الحديث. فقد حدد الحديث الملاك في دخول الجنة والنار في إطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعصيانه، ومن الواضح أنّ العصيان والتمرّد يصدق في حالة كون الإنسان لا يملك الحجة والدليل المعقول على عمله، وليس خفياً عليكم وعلى المفكّرين أنّ الشيعة تستند في المسائل الخلافية إلى الدليل والحجة الكافية وإن كان ذلك غير تام في نظركم. أو ليس الملاك في دخول الإنسان في حظيرة الإيمان، هو ما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: «بني الإسلام على خمس; شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله وإقام 1. لمّا نزل قوله سبحانه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ 1 دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وأربعين وجيهاً من وجهاء بني هاشم، فقال لهم: «يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ». فكرر هذه الجملة ثلاث مرات، وفي كلّ مرة كان علي يقوم ويقول: «أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه » وفي المرة الثالثة ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على يد علي وقال في حقه على رؤوس الأشهاد: «هذا علي أخي ووصيي وخليفتي فيكم ». ومع كلّ هذه الأدلة الواضحة التي استندت إليها الشيعة، فعلى أقل تقدير والحد الأدنى المتوقع منكم أن تعذروهم في موقفهم وعقيدتهم لا أن تصفوهم بالمبتدعة، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما تتبنّونه معاشر فقهاء السنة الأعزاء من القول: «للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد » وهنا لابدّ أن يستحق الشيعة الثواب والأجر لا الرمي بالابتداع. لقد أكّد كبار علماء الأشاعرة مثل عضد الدين الإيجي في المواقف وشارحه المير سيد شريف الجرجاني وسعد الدين التفتازاني في «شرح المقاصد » وغيرهم: انّ الإمامة والخلافة من فروع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنّه يجب على المسلمين إشاعة المعروف والنهي عن المنكرات، وهذا لا يتحقّق إلاّ في ظل حكومة وقدرة تستطيع إجراء الأحكام وأنّ مركز هذه القدرة والسلطة هو الإمام والخليفة الذي يجب أن يوجد في أوساط المسلمين. الجدير بالذكر أنّ تبريركم لوصف الشيعة بالمبتدعة كان في مقابل من يقول بأنّهم كفرة لا يحل المشكلة أبداً، بل كان من الواجب عليكم أن تنصروا المظلوم وتدفعوا عنه تهمة الكفر والخروج عن الدين لا أن تبدّلوا التهمة بتهمة أُخرى، وهنا أود أن أسأل سماحة الشيخ لو أنّ شخصاً اتّهمكم بتهمة خطيرة هل تسمحون لمن يدافع عنكم أن ينفي عنكم تلك التهمة لكنّه يستبدلها بتهمة هي أقل من الأُولى؟!! علم الأئمة عليهم السلام بالغيب ب. علم الغيب الاكتسابي، وهذا النوع محدود أيضاً بالإذن الإلهي، وهذا النوع من الغيب يحصل لغير الله تعالى كثيراً، ولقد جاء في سورة يوسف عليه السلام الكثير من الإخبارات الغيبية على لسان كل من يعقوب ويوسف عليهما السلام ; وكذلك جاء في القرآن الكريم الحديث عن مصاحب موسى بقوله تعالى: فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا علْماً 2. إنّ حديث الثقلين من الأحاديث المتواترة والذي اعتبر فيه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم العترة عدلاً للقرآن وإنّهما لن يفترقا حيث قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا »، ومن الواضح أنّ مقتضى كون العترة عدلاً للقرآن الكريم أن تكون معصومة كعصمة القرآن الكريم، ولا يمكن أن يحدث بينهما أدنى افتراق أو تناف. الأمر الذي يدعو إلى الحيرة والعجب أن يصدر هذا الكلام من عالم من أمثالكم وإنّما الأنسب صدور هذا الكلام من الناس البعيدين عن العلم والمعرفة. فهل يمكن ل